(سال تحصیلی 1399-1400)
كتاب النهاية شامل كتابهاى طهارة، صلاة، صيام، زكات، حج، جهاد، ديون و كفالات و حوالات و وكالات، شهادات، قضايا و احكام، مكاسب، متاجر، نكاح، طلاق، عتق و تدبير و مكاتبه، ايمان و نذور و كفارات، صيد و ذبائح، اطعمه و اشربه، وقوف و صدقات، وصايا، مواريث، حدود و ديات مىباشد.
در تقسيمبندى مباحث، برخلاف اكثر كتب فقهى قديمى، كتاب الصوم بر كتاب الزكاة مقدم شده است.
قال حاج آقابزرگ الطهرانی :
و قد كرّس- قدس اللّه نفسه- حياته طوال عمره لخدمة الدين و المذهب، و بهذا استحق مكانته السامية من العالم الإسلامي عامة، و الشيعي خاصة، و بانتاجه الغزير أصبح علما من أعظم أعلامه، و دعامة من أكبر دعائمه، يذكر اسمه مع كل تعظيم و إجلال و إكبار و إعجاب. النهاية في مجرد الفقه و الفتاوى؛ المقدمة، ص: 3
نسبه:
هو الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي، النهاية في مجرد الفقه و الفتاوى؛ المقدمة، ص: 3
ولادته و نشأته:
ولد شيخ الطائفة في طوس في شهر رمضان سنة 385 هجرية، أعني عام وفاة هارون بن موسى التلعكبري، و بعد أربع سنين من وفاة الشيخ الصدوق، و هاجر إلى العراق فهبط بغداد في سنة 408 ه و هو ابن ثلاثة و عشرين عاما، و كانت زعامة المذهب الجعفري فيها يومذاك لشيخ الأمة و علم الشيعة محمد بن
النهاية في مجرد الفقه و الفتاوى، المقدمة، ص: 4
محمد بن النعمان الشهير بالشيخ المفيد عطر اللّه مثواه، فلازمه ملازمة الظل، و عكف على الاستفادة منه، و أدرك شيخه الحسين بن عبيد اللّه ابن الغضائري المتوفى سنة 411 ه، و شارك النجاشي في جملة من مشايخه، و بقي على اتصاله بشيخه حتى اختار اللّه للأستاذ دار لقائه في سنة 413 ه، فانتقلت زعامة الدين و رئاسة المذهب إلى علامة تلاميذه علم الهدى السيد المرتضى طاب رمسه، فانحاز شيخ الطائفة اليه، و لازم الحضور تحت منبره، و عني به المرتضى، و بالغ في توجيهه و تلقينه، و اهتم له أكثر من سائر تلاميذه، و عين له في كل شهر اثني عشر دينارا، و بقي ملازما له طيلة ثلاث و عشرين سنة، و حتى توفي السيد المعظم لخمس بقين من شهر ربيع الأول سنة 436 ه فاستقل شيخ الطائفة بالإمامة، و ظهر على منصة الزعامة، و أصبح علما للشيعة و منارا للشريعة، و كانت داره في الكرخ مأوى الأمة، و مقصد الوفاد، يأتونها لحل المشاكل و إيضاح المسائل، و قد تقاطر اليه العلماء و الفضلاء للتلمذة عليه و الحضور تحت منبره و قصدوه من كل بلد و مكان، و بلغت عدة تلاميذه ثلاثمائة من مجتهدي الشيعة، و من العامة ما لا يحصى كثرة.
و قد اعترف كل فرد من هؤلاء بعظمته و نبوغه، و كبر شخصيته و تقدمه على من سواه، و بلغ الأمر من الاعتناء به و الاكبار له أن جعل له خليفة الوقت القائم بأمر اللّه- عبد اللّه- ابن القادر باللّه- أحمد- كرسي الكلام و الإفادة، و قد كان لهذا الكرسي يومذاك عظمة و قدر فوق الوصف، إذ لم يسمحوا به إلا لمن برز في علومه، و تفوق على أقرانه، و لم يكن في بغداد يومذاك من يفوقه قدرا أو يفضل عليه علما فكان هو المتعين لذلك الشرف. النهاية في مجرد الفقه و الفتاوى؛ المقدمة، ص: 3
هجرته الى النجف الأشرف:
لم يفتأ شيخ الطائفة إمام عصره و عزيز مصره، حتى ثارت القلاقل و حدثت الفتن بين الشيعة و السنة، و لم تزل تنجم و تخبو بين الفينة و الأخرى، حتى اتسع نطاقها بأمر طغرل بيك أول ملوك السلجوقية، فإنه ورد بغداد في سنة 447 ه،
النهاية في مجرد الفقه و الفتاوى، المقدمة، ص: 5
و شن على الشيعة حملة شعواء، و أمر بإحراق مكتبة الشيعة التي أنشأها أبو نصر سابور ابن أردشير وزير بهاء الدولة البويهي و كانت من دور العلم المهمة في بغداد، بناها هذا الوزير الجليل و الأديب الفاضل في محلة بين السورين في الكرخ سنة 381 ه على مثال (بيت الحكمة) الذي بناه هارون الرشيد، و كانت مهمة للغاية فقد جمع فيها هذا الوزير ما تفرق من كتب فارس و العراق، و استكتب تآليف أهل الهند و الصين و الروم، و نافت كتبها على عشرة آلاف من جلائل الآثار و مهام الاسفار، و أكثرها نسخ الأصل بخطوط المؤلفين، قال ياقوت الحموي: و بها كانت خزانة الكتب التي أوقفها الوزير أبو نصر سابور بن أردشير وزير بهاء الدولة بن عضد الدولة و لم يكن في الدنيا أحسن كتبا منها، كانت كلها بخطوط الأئمة المعتبرة و أصولهم المحررة إلخ. و كان من جملتها مائة مصحف بخط ابن مقلة على ما ذكره ابن الأثير.
و حيث كان الوزير سابور من أهل الفضل و الأدب أخذ العلماء يهدون اليه مؤلفاتهم فأصبحت مكتبته من أغنى دور الكتب ببغداد، و قد احترقت هذه المكتبة العظيمة فيما احترق من محال الكرخ عند مجيء طغرل بيك، و توسعت الفتنة حتى اتجهت إلى شيخ الطائفة و أصحابه فأحرقوا كتبه و كرسيه الذي كان يجلس عليه للكلام.
قال ابن الجوزي في حوادث سنة 448 ه: و هرب أبو جعفر الطوسي و نهبت داره. ثمَّ قال في حوادث سنة 449 ه: و في صفر في هذه السنة كبست (بسته شد وقفل شد ) دار أبي جعفر الطوسي متكلم الشيعة بالكرخ و أخذ ما وجد من دفاتره و كرسي كان يجلس عليه للكلام، …
و لما رأى الشيخ الخطر محدقا به هاجر بنفسه إلى النجف الأشرف لائذا بجوار مولانا أمير المؤمنين عليه السلام و صيرها مركزا للعلم و جامعة كبرى للشيعة الإمامية، و عاصمة للدين الإسلامي و المذهب الجعفري، و أخذت تشد إليها الرحال و تعلق بها الآمال، و أصبحت مهبط رجال العلم و مهوى افئدتهم و قام فيها بناء صرح الإسلام، و كان الفضل في ذلك لشيخ الطائفة نفسه فقد بث في إعلام حوزته الروح العلمية، و غرس في قلوبهم بذور المعارف الإلهية، فحسروا للعلم عن سواعدهم و وصلوا فيه ليلهم بنهارهم عاكفين على دروسهم خائضين عباب العلم غائصين على أسراره موغلين في استبطان دخائله و استخراج مخبآته، و كيف لا يكونون كذلك و قد شرح اللّه للعلم و العمل صدورهم، و صقل أذهانهم و أرهف طباعهم فحموا و طيس العلم، و بان فضل النجف على ما سواها من المعاهد العلمية، و خلفوا الذكر الجميل على مر الدهور و الأعصار، أعلى اللّه في الفردوس درجاتهم. النهاية في مجرد الفقه و الفتاوى؛ المقدمة، ص: 4-6
أنه أكبر علماء الدين، و شيخ كافة مجتهدي المسلمين، و القدوة لجميع المؤسسين، و في الطليعة من فقهاء الاثني عشرية، فقد أسس طريقة الاجتهاد المطلق في الفقه و أصوله،
و انتهى اليه أمر الاستنباط على طريقة الجعفرية المثلي (الگو ونمونه بارز )، و قد اشتهر بالشيخ فهو المراد به إذا أطلق في كلمات الأصحاب، من عصره إلى عصر زعيم الشيعة بوقته مالك أزمة التحقيق و التدقيق الحجة الكبرى أبي ذر زمانه الشيخ مرتضى الأنصاري المتوفى سنة 1281 ه فقد يطلق الشيخ في عصرنا هذا و قبيله و يكون المراد به الشيخ الأنصاري، أما في كتب القدماء و السلف فالمراد هو شيخ الطائفة قدس اللّه نفسه.
مضت على علماء الشيعة سنون متطاولة و أجيال متعاقبة و لم يكن من الهيّن على أحد منهم أن يعدو نظريات شيخ الطائفة في الفتاوى، و كانوا يعدون أحاديثه أصلا مسلما، و يكتفون بها، و يعدون التأليف في قبالها، و إصدار الفتوى مع وجودها تجاسرا على الشيخ و إهانة له، و استمرت الحال على ذلك حتى عصر الشيخ ابن إدريس فكان- أعلى اللّه مقامه- يسميهم بالمقلدة، و هو أول من خالف بعض آراء الشيخ و فتاواه و فتح باب الرد على نظرياته، و مع ذلك فقد بقوا على تلك الحال حتى ان المحقق و ابن أخته العلامة الحلي و من عاصرهما بقوا لا يعدون راي شيخ الطائفة، قال الحجة الفقيه الشيخ أسد اللّه الدزفولي التستري في «المقابس» ما لفظه: حتى ان كثيرا ما يذكر مثل المحقق و العلامة أو غيرهما فتاويه من دون نسبتها اليه، ثمَّ يذكرون ما يقتضي التردد أو المخالفة فيها فيتوهم التنافي بين الكلامين مع أن الوجه فيهما ما قلناه. النهاية في مجرد الفقه و الفتاوى؛ المقدمة، ص: 7
نعم لما ألف المحقق الحلي «شرائع الإسلام» استعاضوا به عن مؤلفات شيخ الطائفة، و أصبح من كتبهم الدراسية، بعد أن كان كتاب «النهاية» هو المحور و كان بحثهم و تدريسهم و شروحهم غالبا فيه و عليه.
و ليس معنى ذلك أن مؤلفات شيخ الطائفة فقدت أهميتها أو أصبحت لغوا لا يحتفل بها، كلا بل لم تزل أهميتها تزداد على مرور الزمن شيئا فشيئا و لن تجد في تأريخ الشيعة و معاجمهم ذكر عظيم طار اسمه في البلدان و اعترف له خصومة بالجلالة، الا و وجدته يتضاءل أمام عظمة الشيخ الطوسي، و يعترف بأعلميته و أفضليته و سبقه و تقدمه. النهاية في مجرد الفقه و الفتاوى؛ المقدمة، ص: 8
قال شيخنا و مولانا الحجة خاتمة المحدثين الميرزا حسين النوري أعلى اللّه
مقامه في «مستدرك الوسائل» ج 3 ص 506 ما لفظه:
و عثرت على نسخة قديمة من كتاب «النهاية» و في ظهره بخط الكتاب، و في موضع آخر بخط بعض العلماء ما لفظه: قاله للشيخ الفقيه نجيب الدين أبو طالب الأسترابادي رحمة اللّه: وجدت على كتاب «النهاية» ب (خزانة مدرسة الري) قال: حدثنا جماعة من أصحابنا الثقات أن المشايخ الفقهاء الحسين بن المظفر الحمداني القزويني، و عبد الجبار بن علي المقرئ الرازي، و الحسن بن الحسين بن بابويه المدعو ب (حسكا) المتوطن بالري رحمهم اللّه كانوا يتحادثون ببغداد و يتذاكرون كتاب «النهاية» و ترتيب أبوابه و فصوله، فكان كل واحد منهم يعارض الشيخ الفقيه أبا جعفر محمد بن الحسن الطوسي رحمه اللّه عليه في مسائل، و يذكر أنه لا يخلو من خلل، ثمَّ اتفق أنهم خرجوا لزيارة المشهد المقدس بالغري على صاحبه السلام، و كان ذلك على عهد الشيخ الفقيه أبي جعفر الطوسي رحمه اللّه و قدس روحه، و كان يتخالج في صدورهم من ذلك ما يتخالج قبل ذلك، فأجمع رأيهم على أن يصوموا ثلاثا و يغتسلوا ليلة الجمعة، و يصلوا و يدعوا بحضرة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام على جوابه فلعله يتضح لهم ما اختلفوا فيه، فسنح لهم أمير المؤمنين عليه السلام في النوم، و قال:
لم يصنف مصنّف في فقه آل محمد عليهم السلام كتابا أولى بأن يعتمد عليه و يتخذ قدوة و يرجع إليه، أولى من كتاب النهاية الذي تنازعتم فيه، و انما كان ذلك لأن مصنفه اعتمد فيه على خلوص النية للّه، و التقرب و الزلفى لديه فلا ترتابوا في صحة ما ضمنه مصنفه، و اعلموا به و أقيموا مسائله، فقد تعنى في تهذيبه و ترتيبه و التحري بالمسائل الصحيحة بجميع أطرافها.
فلما قاموا من مضاجعهم أقبل كل واحد منهم على صاحبه، فقال:
رأيت الليلة رؤيا تدل على صحة «النهاية» و الاعتماد على مصنفها فاجمعوا على أن يكتب كل واحد منهم رؤياه على بياض قبل التلفظ، فتعارضت- كذا- الرؤيا لفظا و معنى، و قاموا متفرقين مغتبطين بذلك فدخلوا على شيخهم
أبي جعفر الطوسي قدس اللّه روحه، فحين وقعت عينه عليهم قال لهم:
لم تسكنوا إلى ما كنت أوقفتكم عليه في كتاب (النهاية) حتى سمعتم من لفظ مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، فتعجبوا من قوله و سألوه عما استقبلهم به من ذلك، فقال: سنح لي أمير المؤمنين عليه السلام كما سنح لكم فأورد عليّ ما قاله لكم، و حكى رؤياه على وجهها و بهذا الكتاب يفتي الشيعة فقهاء آل محمد عليهم السلام و الحمد للّه وحده و صلى اللّه على محمد و آله الطاهرين انتهى. انتهى ما في مستدرك شيخنا النوري.
و هذه القضية وحدها كافية للتدليل على إخلاص شيخ الطائفة و صدق خدمته، و حسبه ذخرا يوم العرض شهادة أمير المؤمنين عليه السلام: بأنه لم يقصد بتأليف الكتاب غير وجه اللّه. و لِمِثْلِ هٰذٰا فَلْيَعْمَلِ الْعٰامِلُونَ، إِنَّ اللّٰهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ الَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ. النهاية في مجرد الفقه و الفتاوى؛ المقدمة، ص: 10–12